هل تقرأ الكتاب أم تكتفي بملخص في 15 دقيقة؟ تطبيقات جديدة تغيّر علاقتنا بالنصوص

أضيف هنا بتاريخ28/07/2025
BooKech بوكِش

إذا كنت ترغب في أن تبدو مثقفًا أمام زملائك أو تُرهِبك سماكة الروايات الجديدة، أو تشعر بأنك لن تتمكن من فهم النقاشات المعقدة، فهناك قطاع جديد ومنافس بقوة يَعِدُ بحلّ هذه المشاكل من خلال منتج واحد: تطبيقات تلخيص الكتب. بحسب ما لاحظته صحيفة The Guardian، فهذه التطبيقات، التي باتت أكثر شعبية وهي مدفوعة الثمن، تتيح لك الاستفادة من ملخصات كتب صوتية أو كتابية في وقت قصير، ما يثير تساؤلات حول فاعليتها وتأثيرها على علاقتنا بالنصوص والمعرفة



صحفية هولندية جرّبت أحد هذه التطبيقات لمدة شهر، وهو تطبيق Blinkist الذي يوفّر 7500 كتاب ملخّص بصيغة نصية أو صوتية، كما تروي الكاتبة Toef Jaeger في مقالها على صفحات NRC. وإذا لم يكن لديك الوقت حتى لقراءة أو الاستماع لملخص من 15 دقيقة (حتى "حرب وسلام" لتولستوي يمكن اختصارها في 17 دقيقة)، يمكنك الاكتفاء بقراءة ملخص الملخص في أقل من دقيقة.

يبدو الأمر غريبًا للبعض، لكنه لاقى رواجًا حقيقيًا وفقًا لصحيفة The Globe and Mail، حيث بلغ عدد مستخدمي تطبيقات مثل Blinkist وHeadway عشرات الملايين مستمتعين بإمكانية “جرعة ثقافة عامة” أثناء القيام بأعمال المنزل أو التنقل اليومي.

لكن، بعد شهر من التجربة، لم تكن الصحفية مقتنعة: لا الصوت الرتيب للملخصات الصوتية ولا الأسلوب الذي تم به اختصار كتب سبق لها قراءتها بدا مقنعًا أو دقيقًا. وتضيف أن هذه التطبيقات قد تكون مفيدة لمراجعة كتاب تم قراءته مسبقًا أو للتحضير لمقابلة مع المؤلف، كما أشار أحد معدّي البودكاست في حديثه مع The Globe and Mail. إلا أنه يتساءل: مع تزايد اعتماد هذه التطبيقات على الذكاء الاصطناعي، هل ما زال هناك معنى لدفع المال من أجل هذه الخدمات؟ لماذا لا نكتفي بطلب ملخص من الذكاء الاصطناعي مجانًا؟

لكن، هل تلخيص كتاب وسيلة فعّالة لاكتساب المعرفة؟ الخبراء الذين تحدثت إليهم الصحفية Mihika Agarwal لصالح The Globe and Mail يشككون في ذلك. فقراءة كتاب يتطلب تفاعل معرفي وبناء روابط بين المعلومات الجديدة والمخزون المعرفي السابق، وهذا لا يحصل بالضرورة عند استهلاك ملخصات سريعة أو “جرعات معلومة”. تؤكد الصحفية أن عملية ربط المعنى قد تأخذ وقتًا أثناء القراءة أو تأتي لاحقًا في لحظة هدوء. أما تطبيقات “التعلم السريع” فتوفر معلومات منفصلة تجعل من الصعب ترسيخها بذاكرتنا طويلة الأمد.

هل يجب إذًا الاستغناء عن هذه التطبيقات؟ مجلة The New Yorker تطرح سؤالاً أوسع: هل تغيّرت علاقتنا بالنص والقراءة عمومًا؟ في زمن بات فيه من الممكن الطلب من تطبيق أو ذكاء اصطناعي تقديم النص بإيجاز أو تبسيط، هل فقدنا فكرة “النص الثابت”؟ يتساءل الصحفي الأميركي Joshua Rothman: “ماذا لو أصبح الأصل في النص أنه مادة مرنة يمكن اختصارها حسب الحاجة؟ عندها لن يعود الناس يقرأون النسخ الأصلية بل يبحثون فقط عن الزبدة”.

ومع ذلك، حتى اليوم لا يزال هناك نوع من الاحترام للنص الأصلي وهيبة قراءة الكلاسيكيات بنصها الكامل، لا ملخصاتها. لكن إذا اتجهنا مستقبلًا نحو ثقافة النصوص المُختزلة، قد تغيب الفكرة القديمة بأن الإكثار من القراءة هو معيار التميز الثقافي والفكري.

عبر البريد الدولي