يشهد عالم النشر تحولاً جذرياً مع ظهور ثلاثة اتجاهات رئيسية تعيد تشكيل ملامح المؤلفين وأساليب الإنتاج ونطاق الأعمال الأدبية. فقد كشفت المكتبة الوطنية الفرنسية أن النشر الذاتي يمثل 30٪ من الكتب المطبوعة المسجلة في عام 2022، مع تركيز خاص على الشعر والروايات. هذا التطور يفتح آفاقاً جديدة للكتّاب المبتدئين والأصوات الناشئة، سواء من فرنسا أو من الجالية الأفريقية.
وأدى انتشار المنصات الرقمية وخدمات الطباعة حسب الطلب إلى تسهيل عملية النشر، مما يتيح تواصلاً مباشراً بين المؤلفين والقراء. وفي هذا السياق، أصبح النموذج الهجين، الذي يجمع بين النشر الرقمي وحلول الطباعة حسب الطلب، محركاً للابتكار في صناعة النشر. يستفيد المؤلفون المستقلون ودور النشر الصغيرة من هذا النموذج المرن الذي يقلل من المخاطر المالية ويلبي احتياجات القراء المتنوعة.
وفي العالم العربي والمغرب، فتح التحول الرقمي آفاقاً جديدة للوصول إلى القراء، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية التقليدية للكتب. وتشهد منصات القراءة والبيع عبر الإنترنت نمواً ملحوظاً، متجاوزة العقبات اللوجستية والسياسية، مما يسهل توزيع الكتب في المناطق النائية وفي ظروف الأزمات كما في سوريا واليمن.
ورغم التحديات المتمثلة في محدودية انتشار الخدمات المصرفية الإلكترونية والقرصنة الرقمية، تظهر التجربة المغربية، المدعومة بسياسات حكومية للشمول الرقمي، حيوية هذا القطاع. وتتجه صناعة النشر نحو مستقبل أكثر انفتاحاً وتنوعاً، حيث يتحدى القطاع المستقل احتكار المؤسسات التقليدية، بينما تعيد التكنولوجيا تشكيل سلسلة إنتاج الكتاب بأكملها.
المصدر: استناداً إلى تقرير المكتبة الوطنية الفرنسية لعام 2022، ودراسات حديثة حول التحول الرقمي في قطاع النشر العربي.