الأصوات المتعددة لمراكش في كتاب إلياس كانيتي

أضيف هنا بتاريخ05/08/2025
BooKech بوكِش


في كتابه "أصوات مراكش"، يقدم الكاتب والحائز على جائزة نوبل إلياس كانيتي وصفاً دقيقاً ومؤثراً لإقامته القصيرة في المدينة الحمراء، حيث يرسم لوحات أدبية تلتقط جوهر مراكش: ازدحامها، روائحها المنبعثة من البهارات والجمال والأسواق، وأصواتها التي تتنوع بين نداءات المتسولين المكفوفين وصيحات الأطفال الباحثين عن الصدقة، وصولاً إلى السكون الغامض فوق أسطح المنازل المرتفعة على المدينة المزدحمة.

ينقل كانيتي للقارئ مشاهد الأسواق الصاخبة والأصوات المتداخلة، مركزاً على عفوية اللقاءات الإنسانية في قلب المدينة: عند التجار، في الخانات، أو وسط الأزقة الضيقة حيث تتجلى ثراء الحياة الاجتماعية وتعدد الشخصيات. يتعامل كانيتي مع عالم مراكش بحذر المتأمل، فلا يدّعي الفهم الكامل لكنه يركز على موقعه كمسافر مفتون ومراقب للأصوات والعادات.

تظهر في النصوص ازدواجية المدينة، حيث تلتقي التقاليد والروحانية مع تفاصيل اليومي والحياة المتغيرة باستمرار، ما يمنح مراكش سحرها الفريد. يعكس كانيتي في كتابه حيرة المسافر أمام الغرابة، جنباً إلى جنب مع إعجابه بجمال التفاصيل والعلاقات الإنسانية المتشابكة في كل زاوية.

يبقى كتاب "أصوات مراكش" شاهداً على قوة الأدب الرحلي في رصد تنوع وتعدد الأصوات داخل المدينة، ويعبر عن قدرة مكان واحد على أن يترك أثراً عميقاً في وعي الزائر، ويدعوه إلى تأمل ثقافة الآخر والانفتاح على عوالم جديدة.